مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}

صفحة 3027 - الجزء 5

  ومن الأدلة على وقوع الصغائر من الأنبياء $ ما حكاه الله من خطايا الأنبياء $، ومعاتبته إياهم على ارتكابها، ومنها قصة آدم # وقد مر تقرير الاحتجاج بها ممن يجوز عليهم الصغائر، وهي نص في أنه # قد ارتكب المعصية، وإنما وجب حملها على الصغر لقيام الدليل على منع الكبائر عليهم، وما أحسن ما قال المرتضى في كتاب (الشرح والبيان)، حيث يقول: إن الأنبياء $ غير معصومين، وإنهم يغفلون ويسهون، وإن بنيتهم مركبة على بنية الآدميين، وقال في قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ١٢١} الآية [طه: ١٢١]: أفتكون التوبة إلا من بعد خطيئته، وقال فيه: من قال: إن آدم لم يعص. ولم يظلم موسى نفسه وكذلك يونس - فقد أكذب كتاب الله، ولأئمة العترة نحو كلامه # في إثبات معاصي الأنبياء $، ولأبيه الهادي كتاب في خطايا الأنبياء.

  فإن قيل: النبي لطف، ومن حق اللطف أن يكون على أبلغ الوجوه. وكونه بحيث لا تجوز عليه معصية قط أبلغ، فيجب كونه كذلك.

  قيل: قد تكون المصلحة في بعثة رجل معين فلا نتصور وجوب كونه على أبلغ الوجوه، بل ربما علم الله عصمته من كل معصية كيحيى بن زكريا، وربما علم أنه سيتلوث ببعض الصغائر.

  فإن قيل: فلو علم الله المصلحة في بعثة معين قد ارتكب كبيرة ولا يقوم غيره مقامه أكان يبعثه؟

  قال النجري: هذا السؤال محال عند أصحابنا؛ إذ لا تثبت المصلحة في فاعل الكبيرة أصلاً؛ لإيجابها التنفير، على ما مر.