المسألة الثانية [دلالة الخطاب في الآية]
  في طرقه، فإن الأنظار يعرض فيها الغلط كثيرا. فتعرض لهم بسبب ذلك شبهة يخرجون بها عن الجرأة الممتنعة عليهم؛ إذ ليس المقدم على الفعل مع الإخلال بالنظر فيه واعتقاد إباحته كالمقدم عليه مع العلم بقبحه، لا سيما إذا كان في حكم الذاهل عن النظر، ومعتقد الإباحة في تلك الحال، وعلى كل حال فالإقدام مع الخطأ أليق من الإقدام مع العمد، وأبعد عن التنفير عنه، ولهذا قال أمير المؤمنين: «ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه». وقريب من هذا ما اختاره الإمام القاسم بن محمد.
  تنبيه: قد علم من كلام صاحب (المواقف) أنهم لا يقرون على ما فعلوه سهواً، وفي (البدر الساري) قال بعض أئمتنا كالمهدي وغيره: بل يقدمون عليها عمداً وسهواً، ولكن لا يقرون عليها، بل ينبهون لئلا يقتدى بهم فيها.
المسألة الثانية [دلالة الخطاب في الآية]
  قوله: {اهْبِطُوا} قيل: خطاب لآدم وحواء وإبليس إما في وقت واحد على أن إبليس قد عاد إلى الجنة لأجل الوسوسة، أو لهما في وقت وله في آخر قبل ذلك وقيل: لهما وللحية، وقيل: لآدم وحواء وذريتهما، واختاره الزمخشري؛ لأنهما لما كانا أصل الإنس جعلا كأنهما الناس كلهم، ويدل عليه قوله تعالى: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا}[طه: ١٢٣] وقوله: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ...} الآية [البقرة: ٣٨]،