تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  هو دليل اعتبار العزم على أن لا يعود، ولأنه لو لم يترك لكان فاعلاً للذنب والفاعل غير تائب، وأما الإشفاق فلأنه لا سبيل له إلى القطع بأنه قد أتى بالتوبة كما لزمه، فيكون خائفاً، ولهذا قال تعالى: {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}[الزمر: ٩].
  قلت: أما العلم بالذنب فلا نسلم اعتباره في مسمى التوبة، وإنما هو شرط في وجوبها والتكليف بها، وفي حكمه الظن كما سيأتي، وأما الإشفاق فلا يصح اعتباره عند أصحابنا، لاشتراطهم أن يتوب من القبيح لقبحه، لا لخوف ضرره، كما مر على أن الإشفاق إنما يعتبر عند القفال لعدم القطع بتمام التوبة، وهذا أمر خارج عن مسمى التوبة ضرورة، فكيف يجعل جزءاً منها.
  نعم الإشفاق من عدم قبول الأعمال والوفاء بها هو شأن المؤمنين، كما قال تعالى: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون: ٦٠] لكن هذا الإشفاق لا يختص بالتوبة بل هو معها ومع سائر الطاعات على سواء، وهو عمل وطاعة مستقلة.
  وقال الراغب التوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه، والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه تداركه من الأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة، وهو معنى ما ذكره الأصحاب إلا أنه زاد التدارك، وكلام أمير المؤمنين يشهد له، ويقال: لا حاجة إلى هذه الزيادة، كما يعرف مما مر.
  واعلم أن بعضهم يعتبر في التوبة أن يندم على القبيح لعظمه