المسألة الثانية في التوبة
  في القبح لا للقبح المطلق، واعتبر بعضهم أن يندم عليه لقبحه ولجنسه، فيندم على الزنا لقبحه، ولكونه، زنا، وقال بعضهم: بل لقبحه ولوجه قبحه.
  قلنا: العقلاء يستحسنون الذم على القبيح، وإنزال العقاب عليه، وإن تجرد عن جميع ما ذكروه، ولو اعتبر شيء من ذلك لوجب إذا تعرى القبيح عنه أن يكون فاعله معذوراً، فلا تجب عليه توبة، وأيضاً، وجه وجوب التوبة كونها تدفع ضرر العقاب فتجب التوبة من القبيح لوجه قبحه لا لنفس القبح، فيتوب من الكذب لأنه كذب لا لكونه قبيحاً، كما يصح فعل الواجب لوجه الوجوب(١) ... واعتبر بشر بن المعتمر وأصحابه في التوبة الموافاة، وسيأتي الرد عليه.
الموضع الثاني: في حكم التوبة
  وحكمها أنها واجبة، بلا خلاف بين المسلمين، واختلف في دليل الوجوب، فقال أبو هاشم: إن كانت المعصية كبيرة فدليل وجوبها العقل والسمع، وإن كانت صغيرة فالسمع فقط، وهذا قول السيد مانكديم، والقرشي، وغيرهما من أصحابنا.
  وقال أبو علي: بل التوبة عن الصغائر تجب عقلاً وسمعاً.
  قلنا: التوبة إنما تجب لدفع الضرر عن النفس، ولا ضرر في الصغائر؛ إذ لا تؤثر إلا في تقليل الثواب، ولا ضرر في ذلك.
(١) نحو أن يؤدي الصلاة لكونها شكراً أو لطفاً. تمت مؤلف.