تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  لأنه أصلح؛ لأنا نقول: ليس بواجب عندنا، فكان يجب حسن المعاقبة بعد التوبة، وذلك مما قد علم خلافه.
  الثالث: أن العقاب لو لم يسقط بالتوبة لوجب أن يرتفع التكليف عقيب المعصية، ويكون قبيحاً؛ لأنه لا يتخلص به من العقاب، ولا يتوثل له إلى ما هو الغرض بالتكليف، وهو نيل الثواب، وذلك يؤدي إلى نقض الغرض بالتكليف، فيجب قبحه لعدم الانتفاع به حينئذ.
  فإن قيل: إنه يفعل الطاعات بعد تلك الكبائر، فتؤثر في إسقاطها.
  قيل: إن من الجائز أن يموت قبل أن يفعل من الطاعات ما يؤثر في الإسقاط.
  فإن قيل: التكليف بعد المعصية وإن لم يؤثر في إسقاط العقاب كله فهو يؤثر في نقصانه بما يفعله من الطاعات.
  قيل: ليس الغرض بالتكليف نقصان العقاب؛ لأنه يحسن إسقاطه عقلاً، وإنما الغرض به إيصاله إلى الثواب، وذلك مما لا يجوز بعد الكبيرة.
  فإن قيل: إن الله عندها يغفر له، كما أخبر بذلك، فيحصل المقصود به.
  قيل: فيلزمكم أنه لو لم يرد سمع لكان لا طريق إلى الانتفاع بالتكليف، فلا يحصل الغرض.
  الرابع: أنه قد علم سمعاً وجوب التوبة، ولا يجوز أن تجب لأجل نفع فيها؛ لأن طلب النفع لا يجب، وإنما وجبت لدفع الضرر، وإذا وجبت لذلك فإما لكونها لطفاً، أو لكونها تسقط العقاب،