تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  والأول باطل؛ لأنها ندم على ما مضى وعزم على مستقبل، وحق اللطف أن يكون داعياً إلى العزم، فالعزم هو الملطوف فيه فكيف يكون لطفاً، فتعين كون وجه وجوبها دفع ضرر العقاب.
  الخامس: أنها لو لم تؤثر في إسقاط العقاب واستحقاق الثواب لكان التائب يدخل الجنة بلا استحقاق، وذلك خرق للإجماع فإن الأمة مجمعة على أن المكلفين يجب أن يميز حالهم في الجنة عن حالة المتفضل عليهم من الأطفال والحور العين لا يقال: إذا أسقط الله تعالى عقابه استحق على توبته ثواباً فيدخل الجنة باستحقاق. وهو الثواب عليها؛ لأنا نقول: عقابه إنما يزول بإسقاط الله تعالى بعد التوبة، وعند حصولها يزول الثواب المستحق عليها لمكان ما يستحقه من العقاب على الكبيرة.
  والحجة على أنها تسقط العقاب بنفسها أنها نظير الاعتذار، كما مر، وهو يسقط الذم بنفسه لا بكثرة ما يستحق من المدح عليه، ولا يفترق الحال بين قليل الاعتذار وكثيره في إسقاط الذم، وأيضاً لو أسقطت بكثرة ثوابها للزم أن يكون ثواب التائب من الشرك أعظم من ثواب النبي؛ لأن التوبة تسقط عقاب الشرك، وعقابه أكثر من ثواب النبؤة؛ لأنه يحبطه بدليل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] وكون ثواب التائب أكثر من ثواب النبي معلوم البطلان.
  ودليل آخر وهو أنها قد تسقط عقاب المعصية في حال لا يستحق عليها(١) ثواباً، وذلك بأن تصدر من مصر على كبيرة يعتقد أنها غير
(١) يعني التوبة. تمت مؤلف.