مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3068 - الجزء 5

  معصية كالخارجي، والباغي إذا تاب من شرب الخمر، فإن توبته تقبل، ولا ثواب له عليه، لانحباطه بالكبيرة التي اعتقدها غير معصية.

  قيل: وللخصم أن يقول: إنما يسقط عقاب شرب الخمر بثوابها، فيسقط ثوابها في مقابلة عقاب تلك المعصية، وإن بقيت منه بقية سقطت لأجل عقاب تلك الكبيرة، ولا مانع من ذلك.

  احتج الخصوم بأنها لو أسقطته بنفسها لوجب أن تسقطه في الآخرة، وأن تسقطه توبة المحتضر.

  وأجيب بأن هذا لازم لهم؛ لأن ثواب التوبة يكون أكثر من عقابه في الآخرة، كما هو كذلك في الدنيا.

  قيل: وفيه نظر؛ لأنهم يقولون: إنها تسقط العقاب بثوابها، ولا ثواب لطاعة من في الآخرة، ولا لطاعة المحتضر، وإنما يلزم من يقول: إنها تسقطه بمجردها؛ لأنها حاصلة منهما⁣(⁣١).

  والتحقيق أنا لم نقل بأنها تسقطه بنفسها على كل حال، بل حيث كملت شروطها، ومنها أن تقع مع بقاء التكليف وعدم الإلجاء، وأن يندم على القبيح لقبحه، وليس كذلك المحتضر ومن في الآخرة؛ إذ لا تكليف، والندم إنما هو للإلجاء.

  قالوا: لو أسقطته بنفسها لوجب في كل طاعة؛ إذ لا فرق.

  قلنا: لم تسقطه لكونها طاعة، بل لكونها بذل الجهد في التلافي وليس غيرها كذلك؛ إذ لا تعلق له بما سلف من المعصية.


(١) أي من المحتضر ومن في الآخرة. تمت مؤلف.