تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  فإن قيل: قد اعترفتم بأنها كالاعتذار، والمسيء إذا لم يعتذر لم يلزمه الاعتذار عن تأخير الاعتذار، ولا يستحق ذماً زائداً على تركه الاعتذار، فكذلك التوبة لا يستحق على تركها عقاباً زائداً على عقاب المعصية.
  قيل: إنما لم يستحق ذماً لأنه ما أساء إليه بترك الاعتذار ولم يضربه، والاعتذار إنما يجب للإساءة، وليست التوبة كذلك، فإنها واجبة كالصلاة فإذا أخل بها استحق العقاب عليها.
  فإن قيل: بل يضر به فإنه يلحق غم بترك الاعتذار.
  قيل: المساء إليه هو الذي اختار(١) الغم. هكذا أجاب الموفق بالله.
  وقال الإمام المهدي: إنما لم يلزمه الاعتذار عن تأخير الاعتذار لأن التأخير إنما كان إساءة تبعاً للإساءة المعتذر منها، فإن اعتذاره عن الأصل يقتضي الاعتذار عن كل إساءة، فكأنه اعتذر عن الإساءتين معاً، ولو لم يعتذر على هذا الوجه استحق الذم.
  احتج أبو هاشم بأنه لو استحق على تركها عقاباً للزمه أن يتوب من كونه لم يتب، ثم كذلك إلى غير غاية، وللزم المعتذر أن يعتذر من كونه لم يعتذر.
  قلنا: نحن نلتزم أنه يلزم الندم على الإخلال بالتوبة إلى أن يفعلها، ألا ترى أنه لو أخبر بعد التوبة أنه لم يندم على تركها في الزمن الماضي لاستحق الذم؛ لأنه يكون كمن عزم على الإقلاع عن الذنب
(١) يعني فلا يلزمه الاعتذار عما ليس يفعله. تمت مؤلف.