تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  فإن قيل: وما وجه الفرق؟
  قيل: قد اختلف فيه، فقال أبو هاشم: الوجه أن الفعل مشقة فلا يجب فيمن فعل فعلاً لوجه أن يفعل ما ساواه في ذلك الوجه للمشقة، بخلاف الترك فلا مشقة فيه، واعترضه السيد أن المشقة غير حاصلة في حق القديم تعالى، قال: ثم إنه لا يجب إذا تفضل نوعاً من التفضل لكونه إحساناً أو حسناً أن يتفضل بسائر أنواع التفضل.
  وقال الجمهور: إذا كان الحكم معلوماً فلا يضر الجهل بعلة الفرق.
  قال السيد مانكديم: إن لم يمكن أن يطلب له علة صحيحة فذاك، وإلا لم نقدح في صحة الحكم، ويكون من الأحكام التي لا تعلل؛ لأنه بأي شيء علل فسد.
  وقال القرشي: الحق أنه لا فرق بين الموضعين، بل كما يجب أن يترك ما حصل فيه علة الترك يجب أيضاً أن يفعل ما حصل فيه علة الفعل، لكن بشرط بقاء تلك العلة، وألا يعرض ما يزيلها.
  وأجاب عن معنى قولهم: إن من تفضل على غيره بدرهم لا يجب عليه أن يتفضل بجميع دراهمه فقال: هو صحيح، لكن إنما لم يجب ذلك لوجود صارف عن التفضل بجميع الدراهم، حتى لو خلص الداعي وبقي الغرض الذي لأجله تفضل بالدراهم لوجب أن يتفضل بغيره، وإلا بطل أن يكون تفضلاً لذلك الغرض، ولهذا لو سألت المتفضل: لم تفضلت بدرهم ولم تتفضل بغيره لقال: إني لو تفضلت بسائر أنواع التفضل لنفدت دراهمي وحصل علي ضرر، فثبت أنه إنما لم يتفضل بسائر دراهمه