مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3087 - الجزء 5

  لحصول صارف أزال الغرض المتقدم، ونحن فرضنا المسألة مع بقاء الغرض، هذا معنى ما ذكره القرشي.

  قال الإمام عز الدين: وهو كلام حسن، وتوجيه عجيب، ولا غبار عليه، إلا أنه يرد عليه ما أورده السيد مانكديم على كلام أبي هاشم.

  وهو أن يقال: ما ذكرته لا يتصور في حق القديم تعالى، وقد علمنا أنه يتفضل على شخص دون شخص، بنحو الغنى وهبة الولد ونحو ذلك، مما دعا إليه إرادة الإنعام، ولا صارف يتصور في حق القديم؛ إذ لا ضرر عليه في الإعطاء، ولا تلحقه مشقة، ولا منفر.

  فإن قيل: إنما لم يتفضل على زيد بمثل ما تفضل به على عمرو لعدم استواء الحال الجواز أن يكون لعمرو في ذلك التفضل لطف، ولا لطفية لزيد في مثله، أو لأن عمراً لا يقع بالتفضل عليه مفسدة دون زيد⁣(⁣١).

  قلنا: نفرض المسألة في حق أهل الآخرة، فكان يلزم أن لا يصح التفضل على واحد من أهل الجنة إلا بما يفعل مثله لسائر أهلها، فلا لطفية هناك، ولا مفسدة.

  قال #: فظهر لك رجحان ما مال إليه السيد من صعوبة التعليل، وأن كل فرق يذكر فهو عليل.

  الوجه الثاني مما احتج به الأولون: أن التوبة إنما تجب لدفع العقاب كما مر، والعقاب إنما يستحق للقبح؛ لأنه تابع للذم، والذم إنما يستحق على القبح لقبحه؛ بدليل أنا متى علمنا القبح علمنا


(١) فلعل في المعلوم أن التفضل عليه بمثل ذلك مفسدة. تمت مؤلف.