مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3088 - الجزء 5

  حسن الذم وما لم نعلمه لم يحسن الذم، وإذا كان وجه وجوب التوبة ما ذكرنا وجب أن تقع من الوجه الذي يستحق عليه العقاب وهو القبح، فإصراره على قبح مثله ينقض كونه الوجه. بهذا التدريج الذي ذكرناه.

  قلت: وفي جعل هذا دليلاً على ما نحن فيه نظر؛ لأنه إذا ثبت كون وجه الوجوب القبح فهو لا يقتضي أنها لا تصح التوبة من ذنب دون آخر، وإنما يقتضي وجوب التوبة من كل ذنب، وهو أمر غير ما نحن فيه.

  الوجه الثالث: أن التوبة كالاعتذار، وهو لا يصح من إساءة دون أخرى؛ لأن المعتذر عن الإساءة إنما يعتذر عنها لأجل كونها إساءة، وإذا كان كذلك كان مع إصراره على إساءة أخرى في حكم من لم يعتذر؛ لأنه لم يعتذر إلا ليرتفع عنه حكم المسيئين، ولم يرتفع عنه الحكم مع الإصرار على الإساءة الأخرى فبطل اعتذاره، لا يقال: بل قد يرتفع عنه الحكم بالنظر إلى الإساءة التي اعتذر منها؛ لأنا نقول: المعلوم أن مقصده استطابة نفس المساء إليه، والإصرار على الإساءة الأخرى ينقض ذلك الغرض⁣(⁣١).

  فإن قيل: إنما قصد استطابة نفسه من الإساءة التي اعتذر منها دون غيرها، فلا ينتقض غرضه.

  قيل: لو كان كذلك لكان ذلك القصد في حكم العبث؛ لأن الغرض


(١) وهو قصد استطابة نفس المساء إليه. تمت مؤلف.