مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3100 - الجزء 5

  بذلك الذنب ونحو ذلك فإنه لا يشتبه على عاقل كون عظم الذنب وكثرة الزواجر مما يصرف عنه، وإذا جاز أن يندم عليه للقبح وزيادة لم يجب أن يندم على ما ساواه في القبح فقط، فيجب صحة التوبة من ذنب دون ذنب، بأن لا يحصل في أحد المذنبين هذه الصوارف المذكورة.

  قال: وهذا قوي كما ترى لا سيما على القول بأن العزم دليل على التوبة، وليس جزءاً منها ولا شرطاً فيها.

  أقول: وما ذكره القرشي من الجواب فهو معنى ما ذهب إليه الطوسي، وقد استفيد منه أن ابن الملاحمي لم يوافق أبا علي إلا فيما حصل فيه ترجيح الداعي إلى التوبة من ذنب دون ذنب.

  تنبيه: وما تقدم من منع صحة التوبة من ذنب دون ذنب فهو مشروط بأن يعلم أو يعتقد كون المعصية الأخرى معصية، فأما إذا لم يعتقد فيها ذلك، بل اعتقد حسنها كمن قتل وشرب خمراً فتاب من شرب الخمر دون القتل لاعتقاده حسنه فإن توبته تصح، ولهذا تصح توبة الخارجي عن الزنا، مع إصراره على مذهبه لما اعتقد كونه حقا؛ وممن نص على ذلك السيد مانكديم، والقرشي، والطوسي؛ لحصول شرط التوبة وهو الندم على القبيح لقبحه.

  قال السيد مانكديم والقرشي: إلا أن توبته تقع محبطة في جنب إصراره على الكبيرة واعتقاده حسنها وألحق الطوسي بذلك المستحقر من الذنوب فقال: إذا استحقر التائب أحد الذنبين، حتى اعتقد أن وجوده كالعدم بالنسبة إلى ما استعظمه منهما فإن توبته تصح