مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في التوبة

صفحة 3101 - الجزء 5

  عن العظيم دون الحقير كمن قتل ولد رجل وكسر قلمه فتاب عن القتل دون كسر القلم؛ لأنه تاب عنه لقبحه.

  قلت: وقواعد الأصحاب تأباه لوجهين:

  أحدهما: أنهم قد نصوا أنه لا يجوز تمييز الصغائر؛ لأن ذلك يكون إغراء بفعلها وهي قبيحة، والإغراء بالقبيح قبيح فلا يؤمن أن يكون هذا المستحقر عظيما، فتجب التوبة عنه لهذا التجويز.

  الثاني: أنهم قد نصوا على وجوب التوبة من الصغائر، وإنما اختلفوا في دليله، هل العقل أو السمع، كما مر، وقد ذكر معنى هذا السيد مانكديم، فإنه نص على أن التائب إن تميزت له الصغائر فلا تلزمه التوبة عنها إلا سمعاً، وإن لم تتميز له لزمته التوبة عن كل معصية التجويز أن تكون كبيرة، وذكر هو والإمام المهدي أن الذين تتميز لهم الصغائر إنما هم الأنبياء فقط؛ لأن معاصيهم صغائر، فأما في حقنا فقال الإمام المهدي: المسألة مبنية على الفرض والتقدير؛ لأن الصغائر لا يصح أن تعلم، وإذا جوزنا في كل معصية أنها كبيرة وجبت التوبة عقلاً؛ لأن دفع الضرر الموهوم في الثبوت كوجوب دفع المعلوم، فلا خلاف حينئذ في وجوبها، وإنما الخلاف حيث قطعنا بصغرها، وذلك لا يحصل في غير معاصي الأنبياء $.

الموضع السابع: في وجوب قبول التوبة

  ذهبت البصرية من المعتزلة وهو ظاهر كلام الإمام المهدي إلى أنه يجب على الله تعالى قبول التوبة، ويسقط العقاب وخالف في ذلك