المسألة الثانية في التوبة
  أبو القاسم فقال: لا يجب قبولها، ولا يسقط العقاب حتى لو عوقب التائب لم يكن ظلماً، قال: وإنما لا يعاقبه لكونه أصلح لا لأجل كون التوبة مسقطة للعقاب. وهو بناء على أصله في أن الثواب غير واجب على الله تعالى لاستحقاقه الطاعة على نعمه، والعقاب عندنا لا يستحق بالمعصية، بل يفعله الله لكونه أصلح، فيجب، هكذا حقق مذهبه الإمام المهدي.
  احتج الأولون بوجهين:
  أحدهما: أنه لو لم يجب قبول التوبة ويسقط بها العقاب لم يحسن التكليف بها بعد وقوع المعصية؛ إذ لا نفع فيه حينئذ؛ لأن العقاب قد استحق بالمعصية والتوبة لا تسقطه فتكون عبثاً، والمعلوم من ضرورة الدين وجوبها.
  الثاني: لو لم يجب قبولها للزم مثله في الاعتذار، فيعتذر المسيء ولا يجب على المجني عليه قبول اعتذاره، والمعلوم ضرورة أنه إذا لم يقبل استحق الذم، قال الشاعر:
  إذا ما جنى الجاني محا العذر ذنبه ... وكان الذي لا يقبل العذر جانيا
  وقد جاء الشرع بتأييد ذلك في حديث: «من لم يقبل من المتنصل ....» الخبر، ونحوه.
  واحتجوا على أنها تسقط العقاب بأن العاصي قد بذل وسعه في التلافي والتدارك، فيسقط عقابه، كمن بالغ في الاعتذار إلى من أساء