تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  إليه فإنه يسقط ذنبه بالضرورة، فثبت أنها تسقط العقاب، وأنه لو عوقب بعدها لكان ظلماً، ولا نسلم أن العقل يحكم بوجوب قبول الاعتذار، بل إن شاء صفح، وإن شاء جازي.
  قال بعض علمائنا(١): نقل الإمام يحيى عن الحسن البصري أنه لا يجب قبول الاعتذار عقلاً، قال: فكيف يدعى علم ذلك ضرورة.
  واسْتَقْرأ(٢) ما روي عن المؤيد بالله والكرخي، وأن المؤيد على جلالة شأنه لم يقبل عذر الكرخي في إساءته إليه، ومعلوم أن الذنب إذا تفاحش وعظم كقتل الأولاد وطم الأموال أن قبول العذر بعده في عقول العقلاء لا يكون واجباً، وكذا إذا تكررت الإساءات وانتهكت الحرمات. والله أعلم.
  احتج أبو القاسم بأن العقاب إنما يحسن لفعل القبيح، ولم يبطل فعله بالتوبة؛ لأنه قد فعل فلا سبيل إلى بطلانه.
  والجواب: أنه يصير بالتوبة كأنه لم يقع، كما أن الاعتذار يصير الإساءة كأنها لم تقع.
  احتج ثانياً بأن التوبة لو أوجبت إسقاط العقاب لكان إغراءً بالمعصية؛ لأنه أبداً يتوب ويعود.
  والجواب: أنه يلزم أن لا يسقط بالأصلح؛ لأنك توجبه مع التوبة؛ ثم إن ذلك يبطل بالاعتذاره ومما يحتج به لقول أبي القاسم أن يقال: لو وجب على الله قبول التوبة لما استحق الشكر على قبولها.
(١) أظنه المفتي تمت مؤلف.
(٢) من الاستقراء وهو التتبع والتطلع. تمت مؤلف.