مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3108 - الجزء 5

  لأنه لا يموت سبحانه وتعالى، بخلاف عقاب القتل فإنه حق للمقتول، والاعتذار إليه متعذر في دار التكليف، وفي الآخرة لا حكم له، فوجب أن لا يسقط عقابه، وقد جاء في السنة ما يؤيد هذا وهو ما ورد في بعض الطاعات أن من فعلها كفرت عنه ذنوبه ما لم تكن مظلمة البشر، فإن ذلك إلى المظلوم وعلى الثاني أن العلة وإن كانت بذل الجهد فالمراد بذل الجهد إلى المساء إليه، وهو هنا متعذر، كما مر، وعلى الثالث أن هذا الإلزام غير لازم.

  أما من يقولون: وجه وجوب الواجبات كونها شكراً فواضح، والمعصية لا توجب سقوط شكر المنعم، كيف وهو معلوم من ضرورة العقل.

  وأما من يجعل الوجه غير ذلك فعندهم أنها جارية مجرى الشكر، كما مر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١] فلا مقتضي لسقوطها عنه.

  وعلى الرابع أنها عمومات محتملة للتخصيص، على أنهم يقولون: إنه يسمى كافراً، لا منافقاً.

  وعن الخامس أنه مبني على أن الاستثناء بعد الجمل المتعاطفة يعود إلى جميعها، وفيه خلاف، وخصمكم قد لا يسلمه.

  وعلى السادس أنه عمومات يمكن تخصيصها بالقاتل، وأما قبول إسلام الكافر بعد القتل فلدليل خاص، وهو قوله تعالى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨] وحديث: «الإسلام يجب ما قبله».