تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  سيصل إليهم لا محالة كالمجامع والأعياد ونحوها، ودليل ذلك ما مر من أن الواجب عليه بذل الوسع في التلافي، «ولأمره ÷ بلالاً لما أذن بليل بأن ينادي إن العبد نام»، فإن لم يتمكن من الضال ولا من المجامع فقال ابن أبي الحديد: يجب عليه العزم إذا تمكن، فإن مات قبل ذلك أو تمكن واجتهد في حل الشبهة فلم تنحل من نفس الضال فلا عقاب عليه؛ لأنه قد استفرغ جهده.
  قال الموفق بالله: وكذلك يجب عليه الاعتذار إلى من دعاه إلى باطل، فإن كانوا جماعة يشق حصرهم وجب عليه في المجامع، كما مر وإنما وجب الاعتذار لأنه قد أساء إليه؛ إذ لا يأمن استحقاقه العقاب بسببه.
  فإن قيل: كيف يجب عليه إظهار التوبة ونقض ما في التصانيف مما يتعلق بالاعتقاد والناس مكلفون بالنظر وممنوعون من التقليد.
  قيل: لأنه ربما كان العالم قد حرر الشبهة على وجه لا يهتدي المتبع إلى حلها؛ إذ الأفهام والأفكار تختلف، ولو تركه على فطرة العقل لسلم من ذلك الذنب، ولا شك أن العلماء قدوة، سيما إذا كان ظاهرهم الصلاح وقوة الفكر وغزارة العلم، وما ضل كثير من أهل الضلال إلا بسبب علمائهم؛ ولذلك قال ÷: «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينتقص من أوزارهم شيئا». رواه البخاري ومسلم من حديث جرير بن عبد الله، وقال ابن عباس: ويل للعالم من الأتباع، يزل زلة فيرجع عنها ويحملها الناس فيذهبون بها في الآفاق.