تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  وإن كانت فيما بينه وبين الله من باب الأفعال والتروك كالصلاة إذا تركها فقد اختلف في ذلك، فقيل: يكفيه الندم والعزم، وهو قول ابن أبي الحديد، وهو ظاهر كلام السيد مانكديم، وبه قال من لا يوجب القضاء على العامد.
  وقيل: لا بد مع ذلك من القضاء وهو قول القاسم بن إبراهيم ذكره في كتبه، وبه قال القرشي، ومن أوجب القضاء على العامد.
  وإن كانت المعاصي نحو الزنا، وشرب الخمر، والأيمان الكاذبة، وقطيعة الرحم، والنميمة، ومعاداة أولياء الله، وموالاة أعدائه وما أشبه ذلك من الذنوب التي حرمها الله وليس فيها جناية على آدمي في نفسه ولا في ماله ولا في عرضه، فلا يجب عليها الندم والعزم، ذكر معنى ذلك القاسم بن إبراهيم.
  وأما إن كانت المعصية فيما بينه وبين بني آدم فهي أنواع: منها ما يكون جناية عليه في نفسه بأن يقتله عمدا عدوانا، فهذا الواجب عليه مع الندم والعزم تسليم نفسه لورثة المقتول للقصاص، أو يسلم الدية إن عفوا، أو كان قتله خطأ.
  ومنها: أن تكون الجناية عليه في سائر أعضائه وجب عليه تسليم ما يجب من قصاص أو أرش.
  ومنها: أن تكون الجناية عليه في ماله، فهذا يجب رده بعينه إن كان باقياً أو مثل المثلي وقيمة القيمي إن كان تالفاً إما إلى صاحبه إن كان، وإلا فإلى ورثته، فإن لم يكونوا معروفين فقال القاسم بن إبراهيم: يتصدق بها على المساكين، فإن عرفوا بعد رُدَّ المال إليهم إن أمكن،