المسألة الثالثة: [في أن المطيع لا يخاف ولا يحزن]
  بما يشاهدونه من أهوال يوم القيامة، وممن قال به من أئمتنا $ الإمام المهدي، والإمام القاسم بن محمد، والإمام المهدي محمد بن القاسم، فهؤلاء الذين عرفت نصوصهم في ذلك، ونص عليه من أتباعهم القرشي، وقرره النجري، وهو ظاهر كلام الرازي.
  وقال أبو القاسم: بل يجوز ذلك، وإليه أشار أبو بكر بن الإخشيذ، ورواه الرازي عن قوم من المتكلمين.
  قال الإمام المهدي: وأما المجبرة فيجوزون ذلك، ويقبلون ما ورد فيه من الآثار لنفيهم حكم العقل.
  احتج الأولون بوجوه:
  أحدها: أن الأفزاع والآلام لا تحسن إلا حيث كانت مستحقة، أو فعلت لجلب نفع أو دفع ضرر، والمعلوم أنه لا استحقاق في حق الصالحين، ولا يحصل لهم نفع من ثواب؛ إذ ليست واقفة على اختيارهم، ولا عوض(١) مع اللطف؛ إذ ليست الدار دار تكليف ولا يحصل لهم دفع ضرر؛ إذ لا ضرر عليهم يحتاجون إلى دفعه، وليست الدار دار تكليف فنقول: هو لطف، فإذا خلت عن هذه الوجوه كانت ظلماً لحصول حقيقة الظلم فيها، فوجب القطع بانتفائها.
  الثاني: أنه لو وقع بهم ذلك لكان عذاباً، والمؤمن غير معذب قطعاً؛ لأنه قد صار من عند الموت في أول مواقف الآخرة،
(١) لأنها لا تحسن لمجرد العوض، بل لا بد من أن يصحبه لطف؛ لأنه كان يمكن التفضل بالعوض. تمت مؤلف.