مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 38}

صفحة 3136 - الجزء 5

  كثيره. منها ما يدل على تخصيص نفي الخوف والحزن ببعض أوقات الآخرة ... كقول من قال: أشار إلى أنه يدخلهم الجنة التي لا خوف عليهم فيها ولا حزن، وقول بعضهم: لا خوف عليهم حين أطبقت النار، ولا حزن حين يذبح الموت في صورة كبش إلى ما شاكل ذلك من الأقوال؛ ومع هذا الاختلاف في معناه يضعف الاحتجاج بها، وقد قيل: إنه لا دليل فيها على نفي أفزاع القيامة عن المؤمن لما وصفه الله من شدة أهوال ذلك اليوم إلا أنه يخففه عن المطيعين، فإذا صاروا إلى رحمته فكأنهم لم يخافوا.

  قيل: الظاهر العموم، وتلك الأقوال لا دليل على شيء منها، وما لا دليل عليه يجب نفيه.

  سلمنا: فالأدلة الصريحة تدفع تلك الاحتمالات، وترد تلك الجهالات، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ...} الآية [فصلت: ٣٠]، وقوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ٢٧ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ٢٨ ...} الآية [الفجر: ٢٨ - ٢٧]، وقوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}⁣[الانبياء: ١٠٣] وهذا⁣(⁣١) قوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢}⁣[يونس] وقوله: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩}⁣[النمل] إلى غير ذلك من الآيات الصريحة في المقصود.

  قال الإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي #: وهذا هو اللائق بعدل الله وحكمته، فيجب المصير إليه، وحمل ما عارضه عليه.


(١) وهكذا ظ.