مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 38}

صفحة 3137 - الجزء 5

  احتج المخالف بوجهين:

  أحدهما: أن العقل لا يمنع من ذلك الجواز أن يكون لهم من العلم به لطف كما قيل في الصراط والميزان.

  والجواب من وجهين:

  أحدهما: أنه لو ورد بثبوت الفزع دليل سمعي يفيد العلم لما منعنا ثبوته لهذا الوجه، لكن لم يرد بذلك دليل؛ لا يقال: الظن كاف؛ لأنا نقول: لا يصح العمل به إذا صادم النصوص الصريحة المعلومة، ثم إنه لم يحصل من أدلتكم السمعية ما يفيد الظن كما سيأتي الإشارة إلى الرد عليها.

  ثانيهما: أنه قد مر أنه لو وقع الفزع لكان ظلما، فلا يحسن إيقاعه، ولو قدرنا في وقوعه لطفا لبعض المكلفين؛ إذ لا يحسن اللطف إذا كان في فعل قبيح.

  فإن قيل: إذا كان في فزع المؤمن لطف خرج عن كونه ظلماً، فكذلك إذا حصلت اللطفية بالعلم بها، لا في فعلها، فلا فرق بين حصول اللطف بها، أو بما يستلزمها فهي تخرج بذلك عن كونها ظلماً.

  قيل: وجه الحسن والقبح لا بد وأن يكون مقارباً لحدوث الفعل، ولا يحسن فعل أو يقبح لأمر قد مضى، ولذا لما قال أبو علي: إن الله لو وعد بغفران معصيته لقبح العقاب عليها، لأجل إخلاف الوعد، أجيب عليه بأنه لا يقبح الفعل إلا لوجه مقارن لا متقدم؛ فكذلك هنا، لا يحسن إيلام المؤمن يوم القيامة بما لا استحقاق فيه ولا نفع ولا دفع،