مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 38}

صفحة 3138 - الجزء 5

  بل لأجل تطابق إخباره إياهم بأنه سيفزعهم، فالإخبار وإن كان فيه لطف فالإيلام لا يحسن لأجل مطابقة الخبر الماضي، ثم إن ذلك اللطف قد وقع بحصول الاعتقاد أو الظن عند الإخبار ولا تبطل لطفيته بتخلف الفعل عن الوقوع؛ إذ قد مضى الوقت الذي يحتاج فيه إلى اللطف، وإذا لم تبطل اللطفية بتركه فلا نفع فيه للمؤمن، ولا دفع ولا استحقاق فتعين كونه ظلماً.

  واعلم أن هذا الوجه إنما يحتج به من قال بهذا القول من العدلية دون المجبرة، فإنهم لا يثبتون اللطف ولا حكم العقل، والمحتج به من العدلية من عدا أبا القاسم؛ فأما هو فقال الإمام المهدي: إنه بنى على أصله في أن الآخرة دار تكليف.

  الوجه الثاني مما احتج به المخالف: ورود السمع بعموم الفزع للمطيع والعاصي، قال تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً}⁣[الجاية: ٢٨] وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}⁣[النمل: ٨٧] وقال: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ...} الآية [مريم: ٧١]، وقال: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}⁣[المزمل] إلى غير ذلك من الآيات، وأما الأخبار الواردة في عموم الفزع فكثيرة، حتى جاء في بعضها: أن الأنبياء $ لشدة فزعهم يقول: إلهي وسيدي، لا أسألك اليوم إلا نفسي وجاء في مناقشة الحساب والازدحام وإلجام العرق وغير ذلك أخبار كثيرة.

  والجواب من وجهين:

  أحدهما: أن الآيات منها ما هو عام، وحجتنا خاصة، والخاص مقدم