مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 38}

صفحة 3139 - الجزء 5

  على العام، ومنها ما هو مجمل كقوله: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}⁣[النمل: ٨٧] فإن قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}⁣[النمل: ٨٧] صيرها مجملة، وبين الإجمال بالآيات المصرح فيها بأن المؤمنين لا يفزعون فاقتضى أنهم المستثنون.

  وقال الإمام المهدي محمد بن القاسم: المعنى الظاهر في الآية أن المراد بالفزع الموت الذي لا بد أن يجري على كل أحد؛ لأنها عبارة عن النفخة الأولى، ولهذا لم يذكر الفزع في الثانية، وهي قوله: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى}⁣[الزمر: ٦٨] وقد قيل: إن ما بين قبل ثم وما بعدها مدة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى.

  وأما قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}⁣[مريم: ٧١] فلم يصرح فيه بأن كل من وردها يفزع، وقد صرح بأن المؤمنين لا يحزنون ولا يخافون، وبانتفاء هذين ينتفي الفزع؛ على أن في تفسير الورود بالحضور ما يمنع الاحتجاج بها.

  وأما قوله: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}⁣[المزمل] فالمراد به التهويل، لا الحقيقة، فإنه لا شيب في الآخرة، والتهويل إنما هو على من لم يؤمنه الله من الفزع.

  وأما الأخبار فما كان منها عاماً أو مجملاً فجوابه ما مر، وما كان صريحاً في فزع المؤمنين فهو آحادي، لا يقوى على مصادمة النصوص المتواترة الصحيحة، ولا يصلح لتخصيص هذه الصرائح؛ لأن المسألة علمية لا عملية، فلا يكتفى فيها بالظن، وتخصيص القطعي بالظني