مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3228 - الجزء 5

  فهذا ما احتج به القائلون بالجواز، وأساس حجتهم عموم قوله في حديث ابن عباس: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله».

  قالوا: وأما ما احتج به الأولون فلا ينتهض للاحتجاج به على المنع، أما الآية فلأنها واردة في بني إسرائيل، والاحتجاج بشرع من قبلنا فيه خلاف، ويجوز أن يكون المراد بها من قد تعين عليه التعليم، فأبي حتى يأخذ عليه أجراً، فإن لم يتعين فيجوز له أخذ الأجر، بدليل السنة، هكذا أجاب بعض المحققين.

  قال: وقد يتعين عليه إلا أنه ليس له ما ينفقه على نفسه وعياله فلا يجب عليه التعليم، وله أن يُقبِل⁣(⁣١) على صنعته وحرفته، ويجب على الإمام أن يعين لإقامة الدين إعانته، وإلا فعلى المسلمين لفرض الصحابة لأبي بكر كفايته لما ترك حرفته لأجل القيام.

  وأما الأحاديث فلأنها ضعيفة لا تقوى على معارضة ما في الصحيح، وبعضها أخص من الدعوى كحديث المنع من التأكل بالقرآن؛ إذ المنع من ذلك لا يستلزم ما دفعه المتعلم بطيبة من نفسه، ومنها ما ليس للاستدلال به مدخل في محل النزاع، كحديث النهي عن السؤال بالقرآن، إذ السؤال به غير أخذ الأجرة عليه.

  وأمَّا حديث أُبي وعبادة فواقعتان في عين لا يعلم المراد بهما؛ إذ يحتمل أنهما فعلا ذلك خالصاً لله، فكره لهما أخذ العوض عليه.


(١) قوله: أن يقبل من الإقبال أي ترك التعليم والإقبال على ما يقوم به وعياله. تمت. مؤلف.