مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3254 - الجزء 5

  قيل: لا نحكم إلا بتحريم ما كان عوضاً في مقابلة التعليم، والأدلة لا تتناول إلا ذلك، فأما إذا أخذ من المتعلم ما يعطيه على جهة البر والإحسان، وإرادة وجه الواحد المنان - لا لتعليمه - فلا نقول بمنعه، عن ولا يقوله فيما أحسب أحد من أهل العرفان: لخروجه أدلة التحريم، وقد كان النبي ÷ يقبل ما يتحفه به أصحابه وهو المعلم لكل خير والهادي إلى الرشد، وكذلك أمير المؤمنين، ثم من بعده من أهل بيته $ وغيرهم، وذلك معلوم لمن بحث، وجرى على ذلك علماء الأمصار في جيمع الأعصار إلى يومنا هذا؛ ويدل على ذلك ما ورد من الحث على الصدقة وفعل المعروف إلى كل أحد، ثم ما جاء في فضل إكرام المؤمن والإحسان إليه، ثم ما ندب الله إليه من إكرام العلماء خاصة والإحسان إليهم، فالعلماء إذا أخذوا ممن يعلمونه على هذا الوجه مهتدون بهدي النبي ÷، ومقتدون بعمل الوصي وأهل بيته $، وعلماء السلف والخلف من هذه الأمة، وداخلون في عموم من حث الله على التصدق عليهم الأسود والأحمر، واختصوا بعد ذلك بما جاء في فضل الإحسان إلى المؤمنين، ثم بما جاء من الحث على إكرام العلماء خاصة.

  هذ ا، وأما قول أصحابنا بمنع إجارة المصاحف، وتجويز إجارة سائر الكتب فقال القاضي زيد: الوجه أن إجارة المصاحف لا تجوز هو أن منفعتها وهي القراءة لا تستحق بالأجرة، فلا يجوز استئجارها، كما لو استأجر بيتا على أن يبيع فيه الخمر.