تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  قال: والمسألة مبنية على منع الاستئجار على تعليم القرآن، وكان الأولى الاستدلال بعموم الآية، والوجه في جواز إجارة سائر الكتب أن منافعها وهي القراءة فيها تجوز أن تستحق بعقد الإجارة، فتصح إجارة ما هو آلة فيها، كإجارة آلة الصناع.
  قلت: وفي قوله: إن القراءة فيها تجوز أن تستحق بعقد الإجارة نظر لما مر من الأدلة على تحريم الأجرة على تعليم العلم، والمسألة مبنية على ذلك كما قال في منع إجارة المصاحف؛ إِنَّ ذلك مبني على منع الاستئجار على تعليم القرآن، وذكر في حواشي (الأزهار) في وجه الفرق بين المصاحف والكتب أن القرآن يتعلق الوجوب بلفظه العربي ومعناه، فلم يجز الاستئجار للمصاحف.
  وأما الكتب فالواجب يتعلق بمعناها فقط، فلم تتعين فيها الكتب والأشخاص الذين يعلمون العربية.
  فإن قيل: ما وجه الفرق عند أهل المذهب بين البيع والإجارة، حيث أجازوا بيع المصحف دون إجارته؟
  قيل: وجهه أن البيع يتناول الجلد ونحوه، والقرآن يدخل تبعا.
  وأما الإجارة فهي مشتملة على القرآن، بل لا منفعة غير القراءة.
  قلت: والفرق ضعيف، والظاهر جواز إجارة المصاحف كما يجوز بيعها؛ إذ لا يتناول العقد فيهما إلا الجلد والكاغد ونحوهما، والقرآن عرض لا يمكن بيعه ولا إجارته، وإن كان هو المقصود من البيع والإجارة، أعني أنه إنما وقع العقد لأجله، فذلك لا يمنع من بيع الجلد