المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
  ونحوه وإجارته: إذ ليس ذلك إلا آلة يتوصل بها إليه، ولا وجه لمنع أخذ العوض على ما هو آلة للقرآن.
  تنبيه: أما إذا كانت الإجارة على تعليم العلم من أموال المصالح فلا حرج في أخذها لما مر في المسألة التي قبل هذه، وإن كان الأولى جعل مثل هذا العمل العظيم متمحضاً لوجه الله والدار الآخرة، سيما إذا كان للمعلم [ما يكفيه ويكفي عياله](١).
المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
  في الآية دليل على تحريم أخذ العوض على الفتيا والقضاء؛ إذ من أخذ على شيء من ذلك عوضاً فقد استبدل بآيات الله ثمناً قليلاً، وما تقدم من أدلة تحريم أخذ العوض على تعليم العلم يدل على هذا؛ إذ الفتيا والقضاء نوع من التعليم.
  قال بعض العلماء ما معناه: ما يأخذه المفتي على الفتيا إما أن تكون على جهة الأجرة، أو الهدية، أو الرزق المقرر المفروض من بيت المال، فهذه ثلاث صور مختلفة السبب والحكم فأما أخذ الأجرة فلا يجوز له؛ لأن الفتيا منصب تبليغ عن الله تعالى ورسوله، فلا تجوز المعاوضة عليها، كما لا تجوز على تعليم الإسلام والصلاة ونحوهما، فإذا امتنع عن الجواب إلا بأجرة كان ذلك حراماً، فهو مرتكب للمحظور للحرام قطعاً.
  قال: ويلزمه رده ولا يملكه، وقال بعض المتأخرين: إن أجاب
(١) في الأصل: إذا كان للمعلم ويكفي عياله. ولعله سهو من الناسخ.