مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]

صفحة 3257 - الجزء 5

  بالخط حلت له الأجرة: إذ لا تلزمه الكتابة، وجعل الأجرة على ذلك كأجرة الناسخ، والخط قدر زائد على الجواب.

  قال: والصحيح خلاف ذلك، وأنه يلزمه الجواب مجانا الله بلفظه وخطه. لكن لا يلزمه الورق ولا الحبر.

  قلت: بل يلزمه حيث لا يتم الواجب إلا به، وقدكان النبي ÷ يبعث الرسل إلى الآفاق لتبليغ الشرائع، لما كان التبليغ لا يتم بدون ذلك؛ إذ وصول أهل الأقطار إلى مقامه الشريف يتعذر عادة، وفيهم العاجز ومن لا قدرة له على تحصيل نفقة السفر، فيجب في كل ما لا يتم الواجب إلا به أن يجب بوجوبه، ومنه كتابة الفتيا حيث لا يظهر معناها للسائل، ولا ينضبط له إلا بها، كما هو الظاهر من حال أكثر المستفتين، وفي حكمه الورق والحبر حيث لم يكن للسائل شيء منهما، وكذلك إذا كان معه منهما شيء ولم تسمح نفسه بهما، فإن تحصيلهما واجب على المفتي؛ لأن وجوب الفتيا متعلق به فيجب عليه تخليص ذمته من هذا الواجب بالممكن؛ وسيأتي لهذا مزيد تحقيق إن شاء الله.

  قال: وأما الهدية ففيها تفصيل: فإن كانت بغير سبب الفتوى كمن عادته يهاديه، أو من لا يعرف أنه مفت فلا بأس بقبوله، والأولى أن يكافأ عليها وإن كانت بسبب الفتوى فإن كانت سببا إلى أن يفتيه بما لا يفتي به غيره ممن لا يهدي له لم يجز له قبول هديته، وإن كان لا فرق بينه وبين غيره في الفتيا، بل يفتيه بما يفتي الناس كره له قبول الهدية؛ لأنها تشبه المعاوضة على الإفتاء.