مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3298 - الجزء 5

  وفادحة في الإسلام جسيمة، وهي أنهم وجدوا حاشية في أول كتاب الفرائض. ذكر فيها أنه إذا قسم بين الورثة استحق نصف العشر بلا منة، فجعلوا هذه الحاشية عذرا لهم في أخذ أموال الناس عند القسمة، وموهوا بها على العامة حتى أن الحاكم ربما اتخذ له أعواناً ممن يدعي الفقه فيأمره بحصر التركة وقسمتها بين أهلها، وتكون لهم أجرة من المقتسمين أضعاف ما يستحقونه، ثم بعد تمام القسمة يوصلون إلى الحاكم نصيبه من المال، إما نصف العشر أو نحوه. كأنه فرض لازم ويكون ذلك أمر زائد على ما يأخذه القاسمون لأنفسهم، وربما فعل الورثة من يقسم بينهم من غير أعوانه ولا يرضى الحاكم بتلك القسمة إلا إذا سلموا ما هو له، وليس منه عمل قط، وقد يسميها بعضهم فريضة الحاكم، وهذه من الدواهي الفظيعة والأمور الشنيعة، مع أن تلك الحاشية لا يعلم قائلها ولا يشهد لها كتاب، ولا سنة ولا إجماع ولا قياس، بل هي مخالفة لأدلة الكتاب والسنةلا، وإجماع الأئمة والأمة، فإن علم الفرائض من جملة علوم الإسلام.

  التي قد ثبت بما قدمناه تحريم أخذ العوض على تعلمها وتعليمها، وعلى القضاء بها، بل قد جاء عن النبي ÷ ما يدل على تفضيلها. وتخصيصها بالحث على تعلمها وتعليمها؛ الأجل دفع الظلم عند قسمة المواريث، وما كان هذا شأنه فكيف يقال بجواز أخذ العوض على تعليمه والقضاء به.

  قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: بلغنا عن رسول الله ÷: «تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض بعدي، وتظهر الفتن