مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3319 - الجزء 5

  فهذا حكمه حكم الوجه الأول في كون المال محرما على الآخذ، ووجوب الرد على مالكه، وبه قالت الهادوية.

  وقال المؤيد بالله: يملكه الأن الضمير لا يؤثر في عقود المعاوضات، ولقوله ÷: «نحن نحكم بالظاهر» وقد مر.

  قلنا: معارض بقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ١٩}⁣[هود] وقوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ١٣}⁣[الملك].

  وقوله ÷: «الأعمال بالنيات» وقد مر، فاعتبر الضمير؛ وحديث: «نحن نحكم بالظاهر» قد قدح فيه، ولو سلم فهو فيما يتعلق بنا من إجراء الأحكام الشرعية على بعضنا بعضا؛ وأما فيما مرجعه إلى المكلف من تحليل شيء في حقه أو تحريمه بالنظر إلى ما يجده من نفسه فالمعلوم عليه ما يعلمه من قصده وضميره؛ ولهذا قال ÷: «التقوى هاهنا وأشار إلى صدره» والكلام إنما هو في التحليل والتحريم بحسب ما في نفس الأمر، لا في الظاهر، فإنه لا شك في وجوب إجراء الحكم عند النزاع على الظاهر.

  وقال الحقيني وأبو مضر: بل يتصدق به؛ إذ ملكه من وجه محظور، فيكون لبيت المال⁣(⁣١) كشاة الأسارى. لنا ما مر، ولا نسلم الملك، وحديث شاة الأسارى سيأتي الكلام عليه.

  الوجه الثالث: أن لا يعقدا، بل أعطاه المال على وجه الهدية أو نحوها، وأضمر أنه لأجل الواجب أو المحظور، وهذا لا شك في تحريمه كما مر،


(١) أي مصرف بيت المال، فيتصدق به على المصالح تمت. مؤلف.