مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3321 - الجزء 5

  وعن عاصم بن كليب أن رجلا من الأنصار أخبره، قال: خرجنا مع النبي ÷ رجع استقبله داعي امرأة، فجاء، وجيء بالطعام. فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله ÷ يلوك لقمة في فمه، ثم قال: «أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها»، فقالت المرأة: يا رسول الله، إني أرسلت إلى البقيع يشتري شاة فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل بها إليَّ بثمنها فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إليَّ بها، فقال رسول الله ÷: «أطعميه الأسارى» أخرجه أحمد وأبو داود، والدارقطني.

  وفي لفظ له: ثم قال: «إني لأجد لحم شاة ذبحت بغير إذن أهلها»، فقالت: يا رسول الله أخي، وأنا من أعز الناس عليه، ولو كان خيراً منها لم يغير عليَّ، وعليَّ أن أرضيه بأفضل منها، فأبى أن يأكل منها، وأمر بالطعام للأسارى والحديث في أصول الأحكام من رواية عاصم مختصراً، وأخرجه أيضاً مختصراً النسائي، والطبراني، وفي الموطأ، وأخرجه البيهقي عن عاصم عن أبيه، عن رجل من مزينة.

  والجواب: أنا لا نسلم الملك، أعني ملك الحاكم ما أعطيه على وجه الهدية والرشوة، فلا يصح القياس على شاة الأسارى: إذ لا ناقل عن الملك، بخلاف شاة الأسارى، فإن الاستهلاك بالطبخ يوجب الملك؛ على أن بعض الأئمة وغيرهم قد نازع في الاستدلال بالحديث على الملك وتأويله، وليس هذا موضع ذكر ذلك، ومنهم من قدح فيه فلا ينتهض لمعارضة القواطع الدالة على منع أكل أموال الناس