مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]

صفحة 3333 - الجزء 5

  هذا، وأما القائلون بالتحريم فلم يحتجوا إلا بأن الأخذ في مقابلة ما يجب فعله. وقد أجيب بأن القضاء يلزم الإمام، فإذا لم يتمكن من ذلك ولى غيره، فهو وكيل له، فجاز له أخذ الأجرة على وكالته، فإذا كانت الوكالة فيما يرجع إلى مصالح المسلمين جاز أن يعطيه الأجرة من بيت مالهم؛ وأيضا قد جاز للإمام إعطاء العامل على الزكاة، لأنه يعمل لبعض المسلمين، وهم الفقراء والمساكين، فيجوز له أن يرزق القاضي من بيت المال: على ما ذكروه معارضة للنص بالنظر؛ كيف والمسألة إجماع أهل البيت $. وبما ذكرنا⁣(⁣١) يجاب على من قال: تحرم إذا تعين القضاء وله كفاية.

  وأما القائلون بالكراهة فلعلهم يحتجون بما مر عن علي # من أنه كره للقاضي أن يأخذ على القضاء رزقاً.

تنبيه: [تحريم الأخذ من بيت المال للشاهد والجارح والمعدل]

  قال في (شرح الإبانة): لا خلاف أن المعدل والشاهد والجارح لا يحل لهم أخذ الرزق من بيت المال، خلاف بعض الشافعية، والشاهد إن كان لا يمكنه أداء الشهادة إلا بأن يعطى شيئاً فإنه يجب على المدعي أن يعطيه شيئاً، وهو باطل القوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}⁣[البقرة: ٢٨٢] وقوله: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}⁣[البقرة: ٢٨٣].

  وأما ترجمان القاضي فيحل له الرزق من بيت المال عندنا وعند الحنفية، قياساً على القاضي، وقال الشافعي: لا.


(١) يعني من كونه وكيلاً للإمام ... إلخ. تمت.