مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون 42}

صفحة 3387 - الجزء 6

  فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله ø مسائلكم» قال: ورواته ثقات، إلا واحدًا مختلف فيه.

  وهذا القدر كاف في الشواهد لما تقتضيه الآية من تحريم كتمان العلم، والمراد بالعلم الذي يحرم كتمانه هو العلم الشرعي، وما كان آلة له ووصلة إليه ذكره بعض العلماء، ومثله العلوم العقلية التي تحتاج إلى التنبيه عليها، والإرشاد إليها، وكذا حل الشبه حيث يجب، وقد مر في الجزء الأول ما يجب من حل الشبه وما لا يجب.

  قال في الثمرات: وقد يجب إظهار المذهب والدليل للتهمة أو للإرشاد.

  قال بعض شراح الحديث: ويدخل في كتم العلم منع إعارة الكتب، ولو مملوكة، حيث منعها ممن هو أهل لها، إذا كان تعلمه العلم الله، لا لنحو رياء ومجادلة ومماراة. قال: ولا يجب، إلا إذا لم يوجد ذلك عند غيره، لئلا يلزم ضياع ذلك العلم المحتاج إليه، وقد ذكر نحوه الفقيه يوسف، فإنه جعل من الكتمان المنهي عنه منع الكتب المنطوية على علم الدين، حيث تعذر الأخذ إلا منها.

  قال بعض العلماء: وله أخذ الأجرة على ذلك.

  قلت: وهو قوي لما مر من جواز تأجير كتب العلم، فيحمل وجوب العارية على ما إذا لم يتمكن المستعير من الأجرة.

  واعلم أن ترك إظهار الحق من العلم وغيره إنما يكون كتمًا محرمًا إذا مست الحاجة إلى إظهاره. ذكره الحاكم.