مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون 42}

صفحة 3388 - الجزء 6

  وقال ابن حجر الهيثمي: الكتم قد يجب، والإظهار قد يجب، وقد يندب، ففي ما لا يحتمل عقل الطالب ويخشى عليه من إعلامه به فتنة يجب الكتم عنه وفي غيره إن وقع وهو فرض عين أو في حكمه وجب الإعلام، وإلا ندب ما لم يكن وسيلة لمحظور.

  قال: والحاصل أن التعليم وسيلة إلى العلم فيجب في الواجب عينًا في العين، وكفاية فيما هو على الكفاية، ويندب في المندوب كالعروض، ويحرم في الحرام كالسحر والشعبذة، وذكر في الثمرات أن النطق بالحق إذا كان يؤدي إلى محظور جاز الكتم كالنطق بكلمة الكفر؛ ولأن الحسن يقبح إذا أدى إلى قبيح؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}⁣[الأنعام: ١٠٨] ويروى لعلي بن الحسين #:

  إني لأكتم من علمي جواهره ... كي لا يرى الحق ذو وجه

  وقد تقدم في هذا أبو حسن ... إلى الحسين ووصى قبله الحسنا

  يارب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

  ولا ستحل رجال مسلمون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا

  وقال بعض المفسرين: لا يجوز تعليم المبتدع الجدل والحجاج ليجادل به أهل الحق، ولا تعليم الخصم على خصمه حجة يقتطع بها ماله، ولا السلطان تأويلًا يتطرق به إلى إضرار الرعية، ولا نشر الرخص في السفهاء يتخذونها طريقًا إلى ارتكاب المحظورات وترك الواجبات.