مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون 42}

صفحة 3389 - الجزء 6

  ودليل هذا كله ما مر من أنه يؤدي إلى مفسدة، وقد مر أيضًا في غير هذا الموضع أن المصلحة إذا لزم منها مفسدة راجحة أو مساوية تنقلب مفسدة، فيكون ما يقتضيه ظاهر دليل تحريم كتمان العلم من العموم مخصصًا بما ذكرناه، أيضًا قد مر في بعض الروايات «من كتم علمًا عن أهله» ومفهومه أن من لم يكن من أهله فلا قبح في الكتم عنه، والمراد بأهله من كان أهلا للتعليم، بحيث يرجى قبوله وصلاحه، ويؤمن إعراضه وفساده.

  وعنه ÷: «لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم. ولا تضعوها في غير أهلها فتظلموها».

  وروى الموفق بالله # في السلوة عن عيسى #: (لا تمنعوا الحكمة عن أهلها فتظلموهم، ولا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها).

  وعن النبي ÷: «لا تعلقوا الدر في أعناق الخنازير»، قيل: يريد تعليم الفقه من ليس من أهله.

  وأخرج ابن ماجة وغيره: طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غيره كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب.

  وقال الموفق بالله #: العالم إذا وضع علمه في أهله فقد صان حقه وزانه، ومتى وضعه لا في أهله فقد وضعه وشانه.

  قيل: ولا يجوز تعليم الكافر قرآنًا ولا علمًا حتى يسلم. واعترض بأن المرجو إسلامه يجوز تعليمه القرآن، فبالأولى العلم.