تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}
  قيل: حقيقة المعية مصاحبة ما بعدها لما قبلها، هذا والمصاحبة تفيد قدرًا زائدًا على المشاركة. ولا سيما في الصلاة فإنه إذا قيل صليت مع الجماعة لا يفهم منه إلا اجتماعهم على الصلاة.
  والجواب: أن الآية خطاب لليهود وفيها احتمالات:
  أحدها: ما ذكرتم، وهو أضعفها لما فيه من التكلف والعدول عن المعنى الحقيقي بلا ملجئ، بل قيل: إن ذلك لا يجوز إجماعًا.
  قال في (مفاتيح الغيب): أجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الكلام إلى المجاز إلا بعد تعذر حمله على الحقيقة.
  ثانيها: أن يكون الركوع باقيًا على معناه اللغوي، وهو الانقياد والخضوع، ويكون المراد أمرهم بالخضوع الله تعالى والانقياد لأحكامه؛ ويرجحه أنه الأصل ولا مقتضي للعدول عنه؛ وعموم الفائدة إذ الانقياد لأحكام الله تعالى يشمل جميع شرائع الإسلام، وبه تتحقق المغايرة بين الأمر بإقامة الصلاة والأمر بالركوع، وفيه تعظيم لأهل الإسلام، حيث أمر هؤلاء بالكون معهم، وأنه لا سلامة إلا لمن سلك طريقتهم من الانقياد للإسلام، والخضوع للملك العلام، وحاصل هذا الأمر ومغزى فائدته هو الأمر بالإسلام، كما قال مقاتل في معنى الآية: أمرهم أن يكونوا من أمة محمد ومعهم.
  ثالثها: أن المراد بالركوع الركوع المعروف في الصلاة، وإنما أمروا به وإن كان مدرجًا في الصلاة التي أمروا بها لأنه لا ركوع في صلاتهم، فنبه به على أن المطلوب منهم هو صلاة المسلمين، وهو في معنى الأول في أن حاصله الأمر بالدخول في الإسلام.