تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}
  قال النسفي في معنى الآية: أي أسلموا واعملوا عمل أهل الإسلام. ويقوي هذا الاحتمال أن فيه حمل الركوع على الحقيقة الشرعية، وألفاظ الشارع تحمل عليها إذا وردت مجردة عن القرائن مع ما في الكلام من المبالغة في الرفع من شأن صلاة المسلمين من حيث أنه أمر بها أولًا بالأمر العام، ثم أكدها بالأمر بما هو ركن من أركانها، وكنى بها عن الإسلام جملة. وإذا تقرر هذا علمت ضعف ما ذكره الخصوم من الحمل على المعنى المجازي، وأنه لا وجه يقتضيه، ولا قرينة تدل عليه، وإذا ثبت ضعفه بل بطلانه بطل الاستدلال بالآية على وجوب الجماعة.
  سلمنا أنه عبر بالركوع عن الصلاة فلا نسلم اقتضاء ذلك وجوب إيقاعها في جماعة.
  قوله: ولا بد لقوله {ارْكَعُوا} من فائدة ... إلخ.
  قلنا: فائدته التأكيد بالتكرار، والكلام إذا تكرر تقرر مع ما فيه من التنويه بشأن المسلمين، حيث أمر بصلاتهم، والتمسك بدينهم.
  قوله: حقيقة المعية مصاحبة ما بعدها .... إلخ.
  قلنا: بل معناها المصاحبة اللائقة بالمذكور معها، فتارة تكون اسمًا لمكان الاجتماع، كما في قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ}[يوسف: ٣٦] وتارة لزمانه، كقوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا}[يوسف: ١٢]، وتارة يراد بها مجرد المشاركة في الفعل، فدل على الإتيان بمثل ذلك الفعل من دون