تفسير قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون 44}
  وقال آخر:
  إن قوماً يأمرونا ... بالذي لم يفعلونا
  لمجانين وإن هم ... لم يكونوا يصرعونا
  وقال آخر:
  رضعت التقى حتى كأنك ذو تقى ... وريح الخطايا من ثيابك تسطع
  وغيره:
  وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي والطبيب مريض
  إلى غير ذلك.
  الوجه الثاني: أن الغرض من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يحصل لذلك فائدة. من وقوع المأمور به وترك المنهي عنه، أو تقليلهما أو نحو ذلك، والمعلوم عدم التأثير إن وقعا ومن مرتكب الكبيرة؛ وقد مر أن الأمر والنهي إذا لم يحصل لهما تأثير يكونان عبثًا، والعبث قبيح لا يجوز فعله.
  الوجه الثالث: أن المقصود من الأمر والنهي إرشاد الغير، والإرشاد إنما يحصل إذا كان للآمر الناهي قبول، ولا ريب أن تلبسه بالمعاصي ينفر الناس عن القبول منه، فيكون أمره ونهيه عبثًا، ولا يحسن أن يوجب الله عليه العبث، وقد مر نحو هذا الكلام على وجوب عصمة الأنبياء من الكبائر.