تفسير قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون 44}
  ويعمل فيها بعمل الراغبين) إلى قوله: (ينهى ولا ينتهي. ويأمر بما لا يأتي) إلى أن قال: (يصف العبرة ولا يعتبر، ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ، فهو بالقول مدل، ومن العمل مقل) ثم قال: (فهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن) وقال #: (من نصب نفسه للناس إمامًا فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه) روى هذا كله في النهج.
  وعن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال: يابن عباس، إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. قال: أو بلغت ذلك؟ قال: أرجو. قال: إن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف من كتاب الله فافعل قال: قوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}[البقرة: ٤٤] أحكمت هذه؟ قال: لا، فالحرف الثاني قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ٣}[الصف] أحكمت هذه؟ قال: لا، قال: فالحرف الثالث قول العبد الصالح شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}[هود: ٨٨] أحكمت هذه؟ قال: لا. قال: فابدأ بنفسك. رواه المرشد بالله، وأخرجه ابن مردويه، والبيهقي في الشعب، وابن عساكر.
  وعن ميمون بن مهران أنه قال: إن القاص(١) ينتظر المقت قيل له: أرأيت قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢}[الصف] الآية هو الرجل يقرض نفسه فيقول: فعلت كذا وكذا من الخير، أم هو الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان فيه تقصير؟ فقال: كلاهما ممقوت. وروي أنه جلس ناس عند بعضهم فسكت،
(١) من القصص، يعني الواعظ. تمت. مؤلف.