تفسير قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون 44}
  فقيل له: ألا تحدثنا، فإنما جلسنا إليك لذلك فقال: أتأمروني أن أقول ما لا أفعل. وكان مطرف بن عبد الله والشعبي يذهبان إلى هذا القول ورد عليهما الحسن البصري، روي أن الحسن قال لمطرف: عظ أصحابك، فقال: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل، قال: يرحمك الله وأينا يفعل ما يقول؟ ويود الشيطان أنه قد ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر. وروي أنه قال للشعبي: هلا نهيت عن كذا، فقال: يا أبا سعيد إني أكره أن أقول ما لا أفعل فرد عليه بنحو ما مر(١).
  وقال إبراهيم النخعي: إني لأكره القصص لثلاث آيات: قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ...} الآية [البقرة: ٤٤] وقوله: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢}[الصف] وقوله: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}[هود: ٨٨].
  وعن بعض السلف أنه قيل له: حد ثنا فقال: أتأمروني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مقت الله.
  هذا، وقد أجاب القائلون بعدم القبح عما ذكره هؤلاء بأن المكلف مأمور بشيئين، ترك المعصية، ومنع الغير منها، والإخلال بأحد التكليفين لا يقتضي الإخلال بالآخر، والدم في الآية مترتب على نسيان النفس. لا على مجموع الأمرين.
  قالوا: وحديث القبح ممنوع. وقد يقال: لا نسلم التكليف بمنع الغير
(١) وهو أنه قال: غفر الله لك، وأينا يقول ما يفعل؟ إذ يود الشيطان لو ظفر منكم بهذه، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر. تمت. مؤلف.