تفسير قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين 45 الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون 46}
  واجبًا تارة، ومندوبًا أخرى؛ ولعل الواجب فيما إذا كان تبعًا لواجب؛ كأن يصبر على ما يلحقه من الأذى بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كانت المكافأة تفوت الغرض المقصود منهما، وكذلك الصبر على ما كان من أذى القرابة فلا يكافئهم؛ لأن ذلك يؤدي إلى التمادي في القطيعة والإصرار عليها، وفي الحديث: «صل من قطعك».
  وعنه ÷ أن رجلًا قال له: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، أفأرفضهم؟ قال: «إذا يرفضكم الله جميعًا «، أو ما هذا معناه. والله أعلم.
  وأما الصبر المحرم فأنواعه كثيرة، كالصبر عن الطعام والشراب حتى يموت عطشًا وجوعًا، وعند أكل الميتة للمضطر عند الأكثر، وكصبر الإنسان على ما يهلكه من سبع أو حية أو حريق، أو غرق، أو كافر يريد قتله.
  قال بعض المحققين: بخلاف استلامه وصبره في الفتنة، وقتال المسلمين فإنه يباح له، بل يستحب الصبر. كما دلت عليه النصوص الكثيرة، وقد سئل ÷ عن هذه المسألة فقال: «كن كخير ابني آدم(١)» وفي لفظ: «كن عبدالله المقتول، ولا تكن القاتل» وفي لفظ: «دعه يبوء بإثمه وإثمك» وفي لفظ: «فإن بهرك بشعاع السيف فضع يدك على وجهك».
  قلت: ودليل هذا القسم أعني تحريم الصبر في تلك الأنواع عقلي، وهو ما تقرر عقلًا من وجوب دفع الضرر عن النفس، وشرعًا، كقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥] ونحوه.
(١) وهو المقتول. تمت. مؤلف.