مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3592 - الجزء 6

  الشبهة الرابعة: قالوا قد ثبت أنه يقبح من الواحد منا منع غيره من النظر في مرآة قد نصبها في حائطه، ومن الاستظلال بظل جداره، ومن الاستضاءة بناره حيث احتاج إلى شيء من ذلك ولا نفع في منعه، وكذلك من رأى أعمى يريد أن يتردى في بئر بين يديه ولم ينذره، وهو لا يضره ذلك ولا ينتفع بتركه، ولا وجه لقبح ذلك واستحقاق الذم عليه إلا كونه إخلالًا بواجب، فيلزم مثله في الباري تعالى.

  والجواب من وجهين:

  أحدهما: أن هذا غير نظير مسألتنا؛ لأنهم أوجبوا على الله ما هو سبب للصلاح، وإنما نظيرها أن يوجبوا على أحدنا أن ينصب المرآة ليرى الناس وجوههم فيها، أو يبني حائطًا ليستظلوا به؛ لأن المصالح الدنيوية أفعال يحدثها الله تعالى، وكلما قالوه غير واجب في الشاهد.

  الثاني: أن وجه القبح في حقنا ليس ما ذكروه، وإنما هو كونه عبثًا؛ إذ لا غرض للمانع في ذلك؛ إذ لو قدرنا أن له غرضًا صحيحًا لم يقبح منه المنع. وقال القرشي: أما إذا فعل ذلك يعني نصب المرأة وبناء الحائط يحسن منه المنع؛ لأنه يعود على غرضه بالنقض، وكذلك الباري تعالى، إذا فعل الأشياء التي ينتفع بها الخلق لم يحسن أن يمنعهم منها.

  هذا، وأما سكوته عن إرشاد الأعمى فقال الإمام المهدي: إنما يقبح شرعًا لا عقلًا، إلا لما مر من الرقة والنفرة.

  فائدة: قال الإمام المهدي: العلم بهذه المسألة من فروض الكفاية؛ إعدادًا لحل الشبهة.