تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}
  قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ٤٨}[البقرة]
  الجزاء: الغنى والكفاية، أي لا تغني ولا تكفي نفس عن نفس، والجزاء: ما فيه الكفاية من المقابلة في خير أو شر، قال تعال: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ١٢}[الإنسان] وقال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠].
  وقال ابن جرير: أصل الجزاء في كلام العرب: القضاء والتعويض، يقال: جزيته دينه، أجزيه جزاء، أي قضيته، ومن ذلك قولهم: جزى الله فلانًا عني خيرًا أو شرًا، بمعنى أثابه وقضاه عني.
  قلت: وعلى هذا فتؤول إلى معنى النيابة والإغناء، أي أغنى وناب عني في القضاء، فيكون معنى الآية: لا تنوب نفس عن نفس، ولا تحمل عنها شيئًا مما أصابها، ولا تغني عنها ولا تكفيها ما نالها.
  قال الرازي: ومعنى هذه النيابة أن طاعة المطيع لا تقضي عن العاصي ما كان واجبًا عليه. والقبول: التوجه إلى الشيء، وقال الراغب: القابل الذي يستقبل الدلو من البئر فيأخذه، والقابلة: التي تقبل الولد عند الولادة، وقبلت توبته وعذره وتقبلته كذلك؛ قال تعالى: {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا}[البقرة: ٤٨] فأفاد أن معناه الأخذ وما في معناه.