مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: [في الشفاعة]

صفحة 3601 - الجزء 6

الموضع الأول: في حقيقة الشفاعة لغة وعرفًا واصطلاحًا

  فأما في اللغة فقد مر أنها مشتقة من الشفع الذي هو نقيض الوتر.

  قال الإمام المهدي: وسمي الشفيع شفيعًا لأن طالب الحاجة كان وترًا، فصار بإنضمام الشافع إليه شفعًا، فسمي شفيعًا. وقال الراغب: الشفاعة: الانضمام إلى آخر ناصرًا له وسائلًا عنه، وأكثر ما يستعمل في انضمام ما هوا أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى، ومنه الشفاعة في القيامة. وفي النهاية: قد تكرر ذكر الشفاعة في الحديث، فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم، قال: والمشفّع: الذي يقبل الشفاعة، والمشفّع: الذي تقبل شفاعته.

  وأما في العرف فهي: السؤال المتعلق بتحصيل منفعة أو دفع مضرة. من جهة قادر على ذلك، إلى غير الطالب والمطلوب. فبالسؤال يخرج الأمر بالمنفعة أو دفع المضرة، فلا يسمى شفاعة في عرف اللغة، وبالتعلق بتحصيل منفعة ليخرج طلب المضرة، وقلنا: أو دفع مضرة لأن دفع الضرر كتحصيل النفع، فتصح الشفاعة فيه. وبقوله: من جهة قادر يخرج طلب ذلك ممن لا يقدر عليه ولا يتمكن منه؛ إذ ليس بشفاعة؛ ولهذا لا يقال: إن فلانًا شفع للمك إلى خادمه بترك مضرته. وقلنا: إلى غير الطالب ... إلخ احترازًا من طلب ذلك للنفس، ومن طلبه للمطلوب، نحو: أن يسأله أن يريح نفسه أو يدفع عنها مضرة؛ إذ ليس بشفاعة.

  وأما في الاصطلاح فقال القرشي: هي السؤال المتضمن جلب نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه، على وجه يكون غرض السائل حصول ما سأل