تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}
  ووجه الاحتجاج بها من وجوه:
  أحدها: أنه قال: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} فنكر لفظ {نَفْسٌ} وجعله في سياق النفي، فاقتضى العموم، ولو أثرت الشفاعة في إسقاط العقاب لكانت قد أجزت نفس عن نفس شيئًا، وهو ينافي العموم، ويلزم منه تكذيب الصادق. وللخصم أن يقول: نعارضكم بمثله، فيقال: لو أثرت الشفاعة في زيادة النعيم لكانت قد أجزت نفس عن نفس شيئًا، فما أجبتم به فهو جوابنا.
  الوجه الثاني: أن لفظ {شَفَاعَةٌ} نكرة في سياق النفي، فتعم شفاعة النبي ÷ في نفي قبولها، ونفي القبول المقصود منه نفي الشفاعة، كقوله: على لا حب لا يهتدى بمناره، أي لا شفاعة فتقبل، ويجوز أن يكون المراد نفي القبول وإن وجدت الشفاعة، والأول أولى؛ لأن شفاعة النبي ÷ لا ترد.
  فإن قيل: هذا اللفظ وإن كان عامًا فالمقصود به معنى خاص؛ إذ المراد الذين قالوا من بني إسرائيل: نحن أبناء الله وأبناء أنبيائه فيشفعون لنا عند الله؛ وعلى هذا فتكون النفس الأولى مؤمنة، والثانية كافرة، والكافر لا تنفعه الشفاعة.
  قيل: العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، وأيضًا، فإن الله تعالى لم يقص علينا أخبار الأمم الماضية وما فعلوه من المعاصي، وما توعدهم به من العقاب إلا لنعتبر، ونحذر أن نواقع مثل ما واقعو، فيقع بنا مثل ما يقع بهم، وإلا كانت القصص والأخبار عبثًا، على أنه قد جاء معنى الآية الكريمة خطابًا للأمة المحمدية قال تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ