تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}
  للثواب. وقد ذكر الرازي جوابًا على هذه الحجة، فقال: عندنا أن تأثير الشفاعة في جلب أمر مطلوب، وأعني به القدر المشترك بين جلب المنافع الزائدة على قدر الاستحقاق ودفع المضار المستحقة على المعاصي، وذلك القدر المشترك لا يتوقف على كون العبد عاصيًا فاندفع السؤال.
  قلت: قد يقال: ذلك الأمر المطلوب إن كان أمرًا خارجًا عن جلب النفع ودفع الضرر فلا معنى للشفاعة في حصوله؛ لخروجه عن موضوعها، وإن كان راجعًا إليها فهو محل النزاع، فعندنا أنها لا تكون في الآخرة إلا لجلب النفع، لا لدفع الضرر، وقد أقمنا البرهان على ذلك، فلا يندفع السؤال إلا إذا قال بقولنا، أما مع القول بأنها في الآخرة لدفع الضرر فلا. وقد أجاب غيره بأحسن من جوابه، فقالوا: إنما حسن سؤال المسلمين الشفاعة لأن كل مسلم عاقل خائف أن يكون من الهالكين؛ لاعتقاده التقصير في حقوق الله وعدم السلامة من الذنوب.
  قلت: وهذا الجواب صحيح لو ثبت كون الشفاعة للفاسقين، ونحن في مقام المنع.
  وقال بعضهم: وجه حسن هذا السؤال أنه قد ثبت في الأحاديث إثبات الشفاعة لأقوام من أهل الجنة في دخولهم الجنة بغير حساب، ولقوم في زيادة درجاتهم، فتكون الشفاعة المسؤولة هي هذه.
  قلت: هذا هو قولنا بعينه، ولا يصح حمل هذا الدعاء إلا عليه.