مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 3663 - الجزء 6

  الواضح؛ إذ كل أحد يعلم أن المجرم لا يشفع لغيره؛ وإذا ثبت هذا فوجه دلالتها على حصول الشفاعة لأهل الكبائر أنه قال: {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ٨٧}⁣[مريم] والمعنى أن المجرمين لا يستحقون أن يشفع لهم أحد إلا إذا كانوا قد اتخذوا عند الرحمن عهدًا، وصاحب الكبيرة قد اتخذ عند الرحمن عهدًا، وهو التوحيد والإسلام، فوجب دخوله تحت هذا العموم؛ وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس وغيره، أخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات في قوله: {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ٨٧}⁣[مريم] قال: شهادة أن لا إله إلا الله وتبرأ من الحول والقوة ولا ترجو إلا الله.

  وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة.

  والجواب: أن استدلالكم بالآية مؤسس على ما ادعيتموه من معناها، ونحن لا نسلم لكم ذلك، فقد اختلف السلف في تأويلها، وجاءت فيه روايات مرفوعة وموقوفة، بالتأويل الذي جنحتم إليه وغيره، من ذلك: ما رواه المرشد بالله في الأمالي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الجوزداني، أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن سهدل المدني، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عقدة، أخبرنا أحمد بن الحسن بن سعيد، ثنا أبي، ثنا حصين بن مخارق السلولي، عن سعد، عن أبي إسحاق، عن الحرث عن علي # {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ٨٧}⁣[مريم] قال: (لا إله إلا الله في الدنيا).