قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 56}
  فإن كونها معنى لا تخرج الكتابة عن كونها لا تقع إلا باليد، والخصوم يوافقون في هذا، إلا أنهم يدعون كونه عاديًا، وأما الصحة أي صحة الرؤية فعند أبي الحسين أن العلم باستحالة الرؤية من دون حاسة ضروري، وسائر الشيوخ يخالفونه. قال: ويمكن أن يفصل فيقال: أمَّا أن الرؤية لا تصح إلا بالحاسة التي هي مبنية بنية مخصوصة. فليس بضروري؛ لأن الخصوم يجوزون الإدراك في الجزء المنفرد من دون بنية، بل يجوزون ذلك في العلم والقدرة ونحوهما، وأما أن الرؤية لا تصح إلا بآلة سواء كانت تسمى حاسة أو كانت تسمى جزءًا منفردًا على ما يجوزه الخصم فهو ضروري، والخصوم يوافقونا فيه، ويحيلون وجود الإدراك لا في محل؛ وإذا كانت كذلك فقد وافقونا في أن أحدنا لا يرى إلا بالآلة، وبهذا يحصل غرضنا، سواء قلنا في تركيب الدلالة: إن أحدنا لا يرى إلا بالحاسة، أو قلنا: إنه لا يرى إلا بآلة، فإنه يحصل به المقصود، وإن جوزوا حصول الإدراك والعلم والقدرة ونحوها في الجزء المنفرد.
  فإن قيل: إذا جوزوا حصول هذه المعاني في الجزء المنفرد فقد جوزوا الإدراك لا بحاسة ولا بآلة؛ لأن الحاسة من حقها أن تكون مبنية بنية مخصوصة، والآلة من حقها أن تكون في حكم الغير للحي، ومذهبهم يقتضي أن يكون الحي المدرك القادر العالم جزءًا منفردًا.
  قلنا: هذا وإن كان مذهبهم فكلامنا في رؤية أحدنا في الدنيا والآخرة، وهم يوافقونا على أن الواحد منا ليس جوهرًا فردًا حتى يكون