قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 56}
  قد أدرك لا بحاسة ولا بآلة، على أن هذا(١) لا يضرنا في صحة الدليل؛ لأنا نقول في عقد الدلالة: الواحد منا متحيز، والمتحيز لا يرى إلا ما كان مقابلًا، أو في حكم المقابل.
  قال: ثم إنا نبطل ما قالوه بأنه لو صح حصول هذه المعاني من غير بنية لجوزنا في أجزاء الحجر ونحوها أن تكون حية قادرة عالمة مدركة مكلفة، فإن قالوا: ذلك جائز ولكن علم أنه غير واقع للعادة ظهر عنادهم، ويقال: لعله واقع ولكن لم يدرك؛ لأن الله تعالى لم يخلق الإدراك فيكم. وأيضًا، لو لم تحتج هذه المعاني إلى البنية لزم أن يكون القادر منا هو محل القدرة دون الجملة، وكذلك العالم وسائر الصفات، وقد التزمه الأشعري مكابرة، ويلزم أن لا ترجع الأحكام إلى الجملة، فيكون المستحق للجلد هو اللسان لأنه القاذف، وكذلك الزنا ونحوه، ويلزم أن يكون الواحد منا بمنزلة أحياء قادرين ضم بعضهم إلى بعض، فلا يصح الفعل لداع واحد، ومن التزم هذا فهو مكابر لا يناظر.
  هذا تلخيص كلامه |.
  الأصل الثاني: أن الرائي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلًا أو في حكمه.
  قال أبو الحسين: وهو ضروري. وقواه القرشي؛ لأنا نبادر إلى تكذيب من أخبرنا أنه رأى شيئا ليس كذلك، كما نكذب من أخبرنا أنه رأى جسمًا غير متحرك ولا ساكن، والأشاعرة محمولون
(١) وهو جواز كون الادراك لا بحاسة ولا بآلة. تمت. مؤلف.