الباب الأول فيما يتعلق بالآيات
  ونحن لا نعقل من وجود الباري تعالى إلا كما نعقل من وجودها، كما لا نعقل من الحيية في الغائب إلا كما نعقل من الحيية في الشاهد، وهو كون له مزية لأجلها يصح أن يقدر ويعلم، فإذا كانت الحيبة متماثلة فكذلك الوجود، ولا يمنع اختلاف الصفتين في الوجوب والجواز من تماثلهما، فإذا كان الوجود في الذوات متماثلاً لزم أن يكون وجوده زائداً على ذاته كوجود الممكنات.
  قلت: حاصل هذه الحجة أن الوجود متماثل وإن اختلفت الذوات، فما ثبت لوجود بعضها ثبت للآخر كما هو شأن المتماثلين.
  والجواب: أنا لانسلم أن وجود الممكنات أمر زائد على وجودها، وسيأتي إبطال ما تمسكوا به، سلمنا فلا نسلم المماثلة إذ وجوده تعالى ليس زمانياً، بل هو كما قال علي # في ذكر صفاته تعالى: (الأول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله، والآخر الذي ليس له بعد فيكون شيء بعده). رواه في النهج(١).
  وقال ابن أبي الحديد |: وإنما لم يكن وجوده تعالى زمانياً لأنه لا يقبل الحركة، والزمان من لواحق الحركة، ومما يدل على عدم المماثلة أنه تعالى موجود لا في مكان ولا بمشاهدة، وأنه قديم لا موجود بعد عدم كما قال علي #: (الحمد الله الكائن لا عن حدث، الموجود لا عن عدم) وقال علي #: (ليس لذاته تكييف، ولا لصفاته تجنيس). ذكره في الدرة اليتيمة، وهو نص في نفي المماثلة في الذات والصفات.
(١) ص (١٢٤).